تفقد الدكتور إبرهيم صابر محافظ القاهرة الأعمال الجارية لاقامة 40 معرضًا وبازار لعرض منتجات قرية الفواخير بمصر القديمة، حيث أكد محافظ القاهرة أن الدولة تولى اهتمامًا كبيرًا بالقرية التي تضم 152 فاخورة مقامة على مساحة 13 فدان خاصة وأن حرفة صناعة الفخار من أقدم الحرف على مستوى العالم وكانت من المهن التى عمل بها المصريون القدماء. وأشار محافظ القاهرة إلى أن المعارض الجارى إقامتها على السور الخارجى للقرية مصممة على طراز الفواخير، وتم استطلاع رأى العاملين بالقرية بشأن المواصفات المطلوب توافرها ومساحة كل معرض ليتناسب مع احتياجاتهم قبل بدء التنفيذ. AD ورافق المحافظ فى جولته أشرف منصور نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية، واللواء باسم عمارة مدير مديرية الإسكان والمرافق، واللواء أيمن السعيد رئيس حى مصر القديمة، وماجد فوزى مدير قرية الفواخير، وعدد من القيادات التنفيذية بالمحافظة. وأشار الدكتور إبرهيم صابر محافظ القاهرة إلى أن أعمال التطوير التى جرت بقرية الفواخير شملت إستكمال توصيل جميع المرافق «مياه - غاز – كهرباء - صرف» إلى جانب الاستمرار فى تركيب افران الغاز صديقة البيئة والبديلة عن الافران البدائية وتركيب الولاعات الذاتية لباقى الوحدات بقرية الفواخير، وإجراءات التشغيل الفعلى لباقى الافران ومتابعة اعمال الانارة والنظافة وغيرها ، كما تم رفع كفاءة المبانى وتركيب لاند سكيب زراعى إلى جانب تركيب أرفف جانبية على حوائط كل فاخورة لعرض المنتجات عليها بشكل جمالى بالإضافة إلى طلاء واجهات الفواخير ، وتقنين أوضاع العاملين بها، كما تم انشاء مدرسة لتعليم صناعة الفخار للحفاظ على استمرار المهنة. وأشار محافظ القاهرة إلى أن المحافظة تسعى لوضع قرية الفخار على خريطة المزارات السياحية وبرامج تنشيط بيع منتجات الفخار على المستوى المحلى والعالمى خاصة وأن هذا النوع من الأنشطة سيكون لها دور كبير وفعال فى تنشيط السياحة بالمنطقة التى تضم مجع الأديان ومتحف الحضارة المصرية ومنطقة حديقة تلال الفسطاط الجارى إقامتها . وإلتقى محافظ القاهرة خلال جولته بقرية الفواخير عدد من فنانى صناعة الفخار أو كما يطلق عليهم «جواهرجية الطين» الذين تميزوا فى صناعة الفخار حتى أصبحت القرية قِبلة عشاق فن الفخار .
لاحظنا ولاحظ الكثير منا في الآونة الأخيرة ومع بداية تدشين الجمهورية الجديدة تلك الطفرة الهائلة الحادثة في مجال تخطيط وتصميم المحاور المرورية والكباري والأنفاق والتي وضعت مصر في مكانها المميز وأن تصبح سباقة في مجال تطوير وتحسين الطرق والخدمات الواقعة عليها، ومن خلال القيام بتصميم وتخطيط عدة محاور مرورية منها ماهو قائم بالفعل مثل محور صلاح سالم ومنه ماهو جديد بالكامل مثل محور جيهان السادات (الفردوس سابقاً)، ومنها ماهو تحت الدراسة مثل محور الفنجري وتوسعة وتطوير كوبري 6 أكتوبر وكذا عدة محاور بأنحاء متفرقة من الدولة۔ وبطبيعة الحال، ومع طلب توسعة وإنشاء مثل هذه المحاور يتطلب الأمر بعض من الإزالات لتنفيذ مسار هذه المحاور وللمنفعة العامة أولاً وأخيراً۔ لذا فيجب التفكير في إستغلال المساحات بجوار المحاور الجديدة والمطورة بتنفيذ مسطحات خضراء تعتبر متنفس لسكان المدن۔ مع ضرورة أن تكون هذه الحدائق لها نفس روح المكان الذي نفذت فيه، كحدائق إسلامية أو قبطية أوفرعونية أو حديثة، وجعلها مفتوحة لكل فئات الشعب۔ كذلك يمكن إستخدام هذه المساحات الناتجة عن الإزالات عند الحاجة وحسب مكانها ووظيفتها في إنشاء مباني إدارية ذات إرتفاعات تشكل وجه جديد للمدينة وللدولة بوجه عام، فمن الناحية الجمالية والشكلية يمكن تصميم هذه المباني بطابع يأخذ روح المكان الذي سيبنى فيه، فعلى سبيل المثال، إذا كانت هذه المباني تقع في القاهرة الفاطمية الإسلامية، فيمكن تصميم هذه المباني بطريقة ونمط من وحي وروح المكان من مشربيات ومآذن وغيرها من الوحدات والرموز الإسلامية المعروفة، نفس الشئ إذا كانت بجوار المناطق الأثرية للمصري القديم، فيمكن تشكيل هذه المباني من روح المسلات والمعابد المصرية القديمة، وبالطبع يمكن تطبيق ذلك بالطرق الصحراوية أو المدن الجديدة فيمكن إضفاء روح هذه المناطق على تصميم المباني وبذلك يتحقق الإستغلال الأمثل لتلك المناطق التي تمت إزالتها بالإستثمار ذو العائد المضمون كما تصبح هذه المباني كأيقونات ووحدات جاذبة ومعالم على المحاور والطرق۔ إن هذه المباني ذات الإرتفاعات وكذلك المتنزهات ستجعل من راكبي السيارات سواءاً سطحياً أو من على الكباري، من رؤية مصر الجديدة بأيقوناتها الحديثة والتي تنم عن المكان المبنية فيه فإذا لم تستطع رؤية المعالم التي تبين ثقافة مصر فإن هذه الكيانات هي التي تبين هذه الثقافة وبشكل بسيط۔ لايتوقف تغيير وجه مصر عند هذا الحد، بل يجب تجميل كل كوبري سيارات أو كوبري عبور مشاه أو حتى أسوار فاصلة بين الإتجاهات أو على جانبي الطرق، ويجب أن يأخذ هذا التجميل أيضاً من روح المكان المنشأ به هذه الوحدات التكرارية من عناصر جمالية تضيف قيمة للمكان۔ ليس من المعقول إستغلال كل مساحة ناتجة عن إزالة في إنشاء محال تجارية وكافيهات فقط، يجب أولاً دراسة المكان وتحليله ومعرفة إحتياجاته وإحتياجات قاطنيه على أن يتم تجميع مثل هذه المحال التجارية أو غيرها من أنشطة تجارية في أماكن مخطط لها مسبقاً ولا يتم تنفيذ أنشطة تجارية بشكل عشوائي ولنجعل من حملة القضاء على العشوائيات هدف للجميع۔ وقبل كل شئ يجب ألا ننسى البعد الإنساني ويجب مراعاته بمنتهى الجدية قبل وأثناء تنفيذ أي تطوير بالدولة، فإن كل هذا الكم من التطوير والتحديث في مجال التخطيط والبناء يجب أن يشعر به المواطن والذي يعتبر هو الهدف الأهم من جانب الدولة مع ضرورة تأهيل المواطن وتثقيفه من جديد وسط بيئة جديدة مستدامة ذكية خضراء۔۔۔۔ فهذا هو الهدف الأسمى من هذه المشروعات۔
يمثل التراث جزء هام من واقع الشعوب لأهميته في بناء الشخصية الوطنية بجانب دوره الإجتماعي والإقتصادي والثقافي والسياسي والروحي۔ فالموقف الحالي للتعامل مع التراث ليس إلا إنعكاس لواقع الفكر الحالي الذي يعكس حالة الإنقسام المجتمعي بين التاريخ والحداثة بين مؤيد ومعارض۔ يتمثل الرأي الأول بالدعوة إلى حفظ التراث لكونه حلقة التواصل المادي المحسوس بين الماضي والحاضر، والرأي الثاني بالدعوة إلى عدم الإكتراث بالتراث والإنطلاق نحو التحديث شاملاً المدن والقرى معتمداً على النمط الغربي۔ ويعتبر التراث العمراني أحد أبرز أشكال التراث الثقافي، لذا، فالسؤال الدائر الآن: هل يمكن أن تفقد القاهرة التاريخية مكانتها ودورها فتضيع ملامحها العمرانية والإقتصادية مع إنشاء عاصمة جديدة وخروج القاهرة من أطرها التاريخية ؟۔ إن الجهود المبذولة الكبيرة للحفاظ على التراث المصري أصبحت في مقدمة الأولويات الوطنية ويؤكد ذلك إنشاء لجنة قومية عليا للحفاظ على القاهرة التراثية (التاريخية والخديوية والمسجلة)۔ وقد تم التصدي للمشاكل التي كانت تواجه عمليات الحفاظ على القاهرة التاريخية من خلال قوانين وتشريعات بهدف حماية التراث القومي من مباني ومواقع ومناطق تاريخية ذات قيمة تراثية مميزة۔ هذا بالإضافة إلى ماقام به الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بعمل مشروع خريطة القيمة وهو عبارة عن قاعدة بيانات شاملة تقوم على تجميع كل البيانات المتعلقة بكل القيم التراثية والتاريخية لعناصر النسيج التاريخي للقاهرة۔ ويصل بنا الحديث إلى عدة أسئلة هامة: ما هو مصير القاهرة التاريخية ؟ هل يمكن أن تفقد القاهرة التاريخية مكانتها مع إنشاء عاصمة جديدة ؟ كيف لهذا الكيان التاريخي أن يستمر ويقاوم تحديات التطور ومتطلبات العصر ؟ لقد واجهت القاهرة التاريخية بالفعل تحديات كثيرة كادت تغير من ملامحها مثل شق الشوارع والطرق داخل نسيجها العضوي المتشابك كما حدث في البداية مع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1797م۔ حيث تم شق شارع جوهر القائد لفتح الطريق أمام حركة نقل معدات الجيش وكذلك إزالة البوابات عند مداخل الحارات للدواعي الأمنية۔ آيضاً عند إنشاء القاهرة الإسماعيلية (نسبة إلى الخديوي إسماعيل ) كما كانت تسمى باريس الشرق، في منتصف القرن ال 19 حيث تم شق بعض الطرق قاطعة نسيجها العمراني مثل شارع محمد علي بطول 2كم۔ وشارع كلوت بك سنة 1872م۔ كما تم إزالة مباني كثيرة عند تخطيط القاهرة الإسماعيلية وتكوين ميادين جامعة تصل إليها الطرق كما حدث بميدان العتبة الخضراء وإزالة بعض القصور۔ كما أدى ظهور أحياء جديدة مثل هليوبوليس والمعادي وجاردن سيتي والزمالك إلى حركة إجتماعية تتمثل في خروج سكان القاهرة التاريخية إليها وحدوث تغيير كبير في الخريطة الديموغرافية للقاهرة۔ إن القاهرة التاريخية تحتاج إلى تطبيق صارم حازم لضوابط التحكم في عمرانها وتحقيق السيطرة داخلها على الحركة الآلية المتمثلة في حركة السيارات والآليات بمختلف أنواعها ومواكبة التطور العالمي من أساليب صديقة للبيئة والذكاء الإصطناعي وذلك عن طريق تطبيق الواقع التخيلي للحفاظ على القيمة التراثية للقاهرة التاريخية۔ وبذلك نكون قد حققنا تعادل المعادلة المحتم حدوثها مابين تطور وحداثة متمثل في العاصمة الجديدة وحفاظ على التراث وتطويره متمثل في القاهرة التاريخية۔ وينطبق كل ما تكلمنا عنه عاليه على كل المدن التاريخية بالدولة۔ أ۔د۔ هاني عيسى الفقي أستاذ وإستشاري التخطيط الحضري
© All Rights Reserved EHE Design Studio | 2024